ليا بو شعيا ممثلة موهوبة، خطفت الأضواء بجمالها وأدائها، ومنذ بداية مسيرتها، لعبت أدوار البطولة في مسلسل "بيروت سيتي"، "أم بديلة"، "النحات".. كما تتألق على المسرح مع فرقة كركلا العريقة، خصوصاً في العمل الأخير مسرحية "جميل وبثينة"، التي جسدت فيها ليا شخصية بثينة البطلة.
وسط كل هذه النجاحات، عاشت ليا آلاماً عديدة، بعد تعرض شقيقها لحادث مروّع قبل حوالى العام، أدى إلى دخوله في غيبوبة، لم يستيقظ منها حتى اليوم، كما توفيت والدة ليا قبل حوالى الخمسة أشهر.
كل هذه الأحداث، تناولناها في موقع "الفن"، ضمن مقابلة مؤثرة للغاية أجريناها مع ليا بو شعيا.

عدتِ مؤخراً من قطر، حيث شاركتِ في عرض مسرحية "جميل وبثينة" مع فرقة كركلا، أخبرينا عن ردة فعل الحضور.

كان العمل مميزاً للغاية، لأن الشعب القطري مضياف ومحب للفن، ويقدر تعب الفنان، وما يقدمه على المسرح من رقص وتمثيل، ويصفقون بفرح، ويتفاعلون مع كل مشهد. لقد قدمنا عروضاً ناجحة.

ما هي الصعوبات التي تواجهينها على المسرح، خصوصاً أن مسرح وفرقة كركلا لهما قيمة فنية كبيرة جداً؟

الصعوبة تكمن في التوتر الذي يعيشه كل فنان وراقص وممثل قبل الصعود إلى المسرح، ما هو أمر طبيعي، لأن رهبة المسرح جميلة للغاية، ولا يمكن أن لا نشعر بالخوف من الإخفاق أو الوقوع أو النسيان. أنا أتعامل مع الأمر بالصلاة، ولدي ثقة بنفسي وبدوري، خصوصاً أن كركلا زودتني بهذه الثقة، والشعور الذي أشعر به على المسرح أجمل من شعوري بالعمل الذي يعرض على التلفزيون.

كم يتطلب مسرح كركلا من مجهود وتمارين، خصوصاً أننا نعلم أن الرقص هو الأساس في أعمال الفرقة؟

يتطلب الكثير من التمارين التي تستمر لأشهر طويلة، ففي المسرحية الأخيرة التي قدمناها في قطر، تدربنا لحوالى الشهرين، علماً أن المسرحية ليست جديدة، وسبق أن عرضناها سابقاً، لكن لأننا كثيرون، إذ يصل عدد الراقصين والأبطال إلى 70 شخصاً، علينا أن نكون واحداً. أريد أن أحيي عائلة كركلا : عبد الحليم وإبنيه إيفان وإليسار، الذين ينظمون كل شيء في أعمالهم، ما هو أمر رائع.

بعيداً عن المقارنة، نعلم أن السيدة فيروز كانت بطلة مسرح كركلا، وبعدها الفنانة هدى حداد، واليوم ليا هي بطلة مسرح كركلا، كم هي مسؤوليتكِ كبيرة؟

إنها مسؤولية كبيرة، وأنا فخورة بذلك، إجتمعت بالفنانة هدى حداد في المسرحية، ولعبت دور إبنتها، كما إجتمعت بالفنان جوزيف عازار، وهما إسمان كبيران في المسرح، بالإضافة إلى الممثل غبريال يمين والفنان سيمون عبيد. هذا الأمر يعطيني قوة كبيرة، وما يفرحني هو أنني بدأت مسيرتي مع مسرح كركلا منذ أن كان عمري 4 سنوات، وتطورت كثيراً، حتى أسندوا إليّ البطولة، ورأوا أنني أستحقها، وهذه ليست المرة الأولى، فقد سبق أن شاركت معهم في مسرحية "فينيقيا"، وجسدت دور البطلة "ليلى" التي يدور العمل حولها.
إنه حلم طفلة صغيرة تحقق، ولا زال يتحقق، خصوصاً أنني إبتعدت في الفترة الماضية عن التمثيل التلفزيوني، فكان المسرح المتنفس الوحيد لي، ولأثبت أني ما زلت حاضرة، وقادرة على تقديم موهبتي للجمهور.

على الصعيد الشخصي، مررتِ بفترة صعبة جداً، بعد تعرض شقيقكِ لحادث جعله يدخل في غيبوبة، ولم يستعد وعيه حتى اليوم، كما توفيت والدتكِ، كيف تفصلين كل هذا الألم عنك لكي تخرجي بأفضل ما لديكِ على المسرح؟

سأكشف لكِ عن سري، أول ما أفعله هو أن أصلي، لأنني شخص مؤمن، أما الموضوع الذي يسيطر على قلبي، فهو أنني سأقدم أفضل ما لدي إهداءً مني لراحة نفس أمي، ولعينَيّ شقيقي كرم، أريده أن يراني على المسرح عندما يستيقظ من الغيبوبة، لأنه لم يشاهدني بعد على المسرح. هذا الأمر يعطيني القوة، وإني على ثقة أن أمنيتي ستتحقق، لذلك لا يمكن أن أضعف، ولا حتى أتراجع، يجب أن أبقى قوية.

كم ساعدكِ إيمانكِ على التعايش مع هذه المرحلة؟

ساعدني كثيراً، أنا مؤمنة أصلاً، إلا أن الحادث الذي حصل مع شقيقي غيّرني، وقربني أكثر من الله، فهو خلقنا لكي نستمتع بهذه الحياة، لكن بنفس الوقت، يجب أن نعطي وقتاً له، لأنه يخلق الإيجابية في حياتنا لكي نكون أقوى.

غيابكِ عن الدراما التلفزيونية هو أمر إختياري أو إجباري؟

كان القرار قراري، فقد عرض عليّ الكثير من الأدوار، منها في تركيا من أجل نسخات عربية من مسلسلات تركية، لكني لا أستطيع أن أبتعد عن شقيقي لفترة طويلة، رغم أني أحب عملي وأشتاق أليه، لكن أولوياتي تغيرت حالياً، وشقيقي في مقدمتها، خصوصاً أنني ألمس تقدماً ملحوظاً في وضعه الصحي. لن أتوقف عن التمثيل، لأن هذا حلم أمي وحلمي، لكني أؤمن بأن "كل شي بوقتو حلو"، وأستطيع التمثيل لاحقاً حتى آخر يوم بحياتي، ولأنني ما زلت أتلقى عروضاً لأدوار بطولة، هذا طمأنني أنني سأعود. سبق أن أوضحت للمنتجين أنني قادرة حالياً على التصوير في لبنان، لكن الأعمال التي تصور في الخارج ولفترات طويلة، لست قادرة على خوضها حالياً.


هل كبّركِ هذا الحادث وحوّلكِ إلى "ليا الأم"؟

نعم، لقد كبرت ونضجت، والحادث آذاني، لكن في داخلي قوة إيمانية كبيرة تجعلني لا أنكسر.

ماذا تشاهدين حالياً من أعمال؟ هل تابعتِ صديقتكِ وزميلتكِ ساشا دحدوح في "لعبة حب"؟

نعم أحببتها كثيراً في هذا الدور، وفرحت لها لأنها تأخذ حقها على مواقع التواصل الإجتماعي، والمشاهدون يتفاعلون مع مشاهدها، وفي كل مسلسل تبدع، وتثبت أنها ممثلة حقيقية، وأنا لا أقول هذا الكلام لأنها صديقتي، بل لأن هذه هي الحقيقة.

أراكِ مستقبلاً نجمة في المسلسلات المعربة مثل نور علي.

أنا أيضاً أرى نفسي في هذه الأعمال، خصوصاً أن كثيرين يقولون لي إنني أشبه الأتراك، وأشعر أنها ستكون تجربة جميلة. أما الممثلة نور علي، فلا أعرفها على الصعيد الشخصي، لكنني معجبة بتمثيلها.

في حال تحقق هذا الأمر، من هو الممثل الذي تودين تقديم ثنائية معه؟

على صعيد الممثلين اللبنانيين أحبهم جميعاً، لكنني أحب التعامل مع الممثل نيقولا معوض، رغم أنني لا أعرفه على الصعيد الشخصي، لكنني
أحب تمثيله، كما أحب أن أكرر العمل مع الممثل السوري باسل خياط، لأن مسلسل "النحات" لم يأخذ حقه، مع أن دوري فيه كان رائعاً، ولم يتم إستكمال التصوير فيه بسبب إنتشار فيروس كورونا. باسل خياط أضاف إليّ الكثير، مع أن "النحات" كان مسلسلي الثاني، وقدّرت ما أعطاني إياه باسل خياط خلال التصوير. هناك العديد من الممثلين السوريين الذين أحب أن أتعامل معهم، من بينهم محمد الأحمد.

قدمتِ ثنائية جميلة مع الممثل العراقي ألكسندر علوم، في مسلسل "أم بديلة"، أخبرينا عن تعاملكما معاً، خصوصاً أن هذا المسلسل كان أول عمل له في الدراما العربية.

هذا العمل كان جديداً عليه وعليّ كونه عملاً لبنانياً – عراقياً، وكانت هناك كيمياء جميلة بيننا، وكنا نساعد بعضنا بعضاً كثيراً، وأخذنا قوة من بعضنا البعض، ما خلق عملاً جميلاً، وثنائية أحبها الجمهور، أتمنى أن نكرر تعاملنا معاً.

فاجأتِ الجمهور وطرحتِ كوفر أغنيات بمناسبة عيد الأم، هل ستنتقلين إلى العمل في الغناء؟

قمت بهذه الخطوة من أجل أمي، التي لطالما كانت تطلب مني أن أغني، وكنت أتمنى لو كانت بظروف أفضل، لكن هذه هي الحياة وحكمها. أنا أحب الغناء، وفعلتها أيضاً من أجلي، لكن في الوقت الحالي أرى الغناء تجربة تساعدني على التعبير عن حياتي، ومن أجل أمي وشقيقي، لأن هذه كانت أمنيتهما، وأحاول أن أكتشف نفسي في هذا المجال، لكي أرى كيف ستتطوّر الأمور، ولا أستبعد أن أطوّر نفسي في الغناء، ما سيخدمني أيضاً في التمثيل.

بعد ترشحكِ سابقاً للإنتخابات النيابية، أين أصبح طموحكِ السياسي؟

لا أراه حالياً موجوداً في حياتي، لكنه دائماً مطروح، إذ إنني لا زلت أتابع الأعمال الخيرية والإنسانية التي بدأت بها .. كل الخيارات ممكنة في المستقبل، بحسب الوضع في لبنان والتغيرات السياسية.